بقلم !!!

مناهج اللغة العربية وهويتنا الثقافية  بقلم ــ سيد مصطفى 

مناهج اللغة العربية وهويتنا الثقافية 

بقلم ــ سيد مصطفى 

تلقيت عددًا من الرسائل، خلال الفترة الماضية، بعد كتابة مقال اللغة الفرنسية والإيطالية في المناهج المصرية، وأهمية الاهتمام باللغة العربية، باعتبارها اللغة الأم لغة القرآن، ويجب أن يراعى ذلك في مناهج اللغة العربية، وإعادة بناء المناهج من جديد من الصفوف الأولى للتعليم، وصولا إلى الثانوية العامة في مصفوفة منهجية علمية مدروسة، يستطيع من خلالها الطالب أن يجيد لغته، التى يغزو بها العالم.

كلنا نعلم تراجع اللغة العربية، بعد إهمالها في التعليم؛ سواء قبل الجامعي أو العالي، بسبب دراسة بعض المناهج باللغات الأجنبية، وقد وضح ذلك في مناهج اللغة العربية في الصفوف الأولى، التى تم فيها إلغاء النصوص القرآنية والأحاديث النبوية من الأول حتى الخامس الابتدائي في المناهج الجديدة، رغم أن القائمين على اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم، ومركز المناهج التابع لها، يعرفون جيدًا أن بلاغة القرآن تحدت أهل اللغة عند العرب، ووقفوا أمام بلاغته عاجزين، ووجود الآيات القصيرة الاجتماعية له أهمية خاصة فى فهم الدين، خاصة آيات العبادات، فى ظل عدم الاهتمام بالتربية الدينية عند الطلاب، التى تدرس عبادات وليست لغة، فكان الحل فى النصوص القرآنية في مادة اللغة العربية.

ومعنى حذف الآيات والأحاديث من المناهج هو إضعاف دراسة اللغة العربية وحفظ النصوص القرآنية عند الطلاب، خاصة المراحل الأولى التي لديها القدرة على التعلم، وهذا يؤدى إلى طمس هوية اللغة العربية، وتعريف الطلاب ببلاغتها، والتي تكمن فى القرآن الكريم، وأيضا تدريس نصوص كبار الشعراء المصريين والعرب، المعروفين بفصاحتهم البلاغية والتراكيب اللغوية، ووضعنا نصوصًا شعرية ضعيفة لا تخدم اللغة بل تؤدى إلى تراجعها.

وعندما أتحدث هنا عن خلو كتب اللغة العربية من نصوص القرآن الكريم فأنا لا أقصد من حديثي ما يتعلق بتعليم العبادات والقيم والسلوكيات، التي احتواها، ودعا إليها القرآن الحنيف، والتي لا يكفى فيها موضوع أو اثنان، وحتى ثلاثة نصوص، بقدر تأثير استبعاد الآيات القرآنية عن دراسة اللغة والبلاغة، وتأثير ذلك على بناء الجمل وفصاحة الحديث والمعاني الدقيقة للغة العربية الرصينة، وأى حافظ للقرآن، أو قارئ جيد لآياته، وملم بمعانيه، نجده فصيح اللسان، منمق الكلام، متمكنًا من مخارج الألفاظ، يتمتع بقدر كبير من الخطابة، بمفردات تجذب المستمع إليه، قادرًا على الإقناع، متميزًا فى كل شيء؛ نجده أديبًا وشاعرًا وقاصًا متميزًا.

ربما لم ينظر خبراء المناهج إلى تلك الجوانب المتعلقة باللغة، ونظروا إلى وجودها فى كتاب التربية الدينية والقيم، فلا داعي لوجودها فى كتاب اللغة العربية، فأقول لهم إن تلك الكتب لا تدخل فى المجموع، وبالتالي الطالب لا ينظر إليها، وفى الوقت نفسه، فإن تلك الكتب تهدف إلى تعليم وشرح العبادات والسلوكيات الحميدة، التى ينادى بها الدين الحنيف، والمجتمع فى أمس الحاجة إليها، دون شرح لمعاني ومفردات وبلاغة القرآن فيها، لاكتفائها كما قلت بالعبادات.

أما منهج اللغة العربية فيدرس أصول وقواعد اللغة العربية، ولا نقصد الجانب الدينى بقدر اللغة، لذا لا بد من دراسة عودة النصوص القرآنية لكتب اللغة العربية لبيان المعاني وقواعد اللغة، التى خرجت من القرآن الكريم، لأن اللغة العربية هي لغة القرآن، وبها يُكتب، فتعلم اللغة العربية من قواعد وبلاغة ومعان لا يمكن أن يكون بمعزل عن القرآن الكريم، وتدريس بعض الآيات البليغة، وشرح معانيها للطلاب، خاصة فى مراحل التعليم الأولى؛ مراحل البناء والتأسيس، لأن الطفل فى هذه السن يكون قادرًا على استقبال وتخزين المعاني والكلمات والحروف عن أى سن أخرى. 

أتمنى أن ـتم مراعاة ذلك فى تطوير مناهج من 7 إلى 12، أى المرحلتين الإعدادية والثانوية، والصف السادس الابتدائي الذي دخل مرحلة التطوير، ويطبق عليه من العام الدراسي المقبل، إذا كنا حقيقة نسعى إلى تطوير وبناء لغتنا الجميلة، والحفاظ عليها، خاصة أن هناك مناهج جديدة لاستكمال مصفوفة التطوير المنهجي، الذي بدأ من عام 2017 بنظام ) 2،0)، ووصل إلى الصف الخامس الابتدائي هذا العام، والعام المقبل سيكون الصف السادس الابتدائي، ومن المقرر أن يتم إسناد تطوير المرحلتين الإعدادية والثانوية خلال الفترة المقبلة.

لدينا الوقت لتدارك ذلك فى مناهج المرحلتين الإعدادية والثانوية، ويجب أن تكون مناهج مبنية على المصلحة العامة للتطوير، وليس لسياسات، حتى تعود المناهج إلى قوتها، وتخلق طالبًا متمكنًا من أدوات لغته، فقوة الأوطان من قوة لغتها، والحفاظ على هويتها الثقافية والاجتماعية.

Journailst20663@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى