بقلم !!!

برقيات اغنياء الحروب والازمات جيهان عبد الرحمن

برقيات

اغنياء الحروب والازمات

جيهان عبد الرحمن

فور اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في الرابع والعشرين من فبراير الماضي اندلعت في كل بلدان العالم وفي القلب منها مصر وكل دول شمال أفريقيا, حروب ارتفاع الأسعار, حتي تنبأت كارمن راينهارت كبيرة الاقتصادين في البنك الدولي ان الأزمة ستطال كل الفقراء حول العالم وتصل إلي حد تجويعهم, مما يؤدي ذلك إلي تنامي الاضطرابات الاجتماعية, أرجعت ذلك الوضع إلي ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميا ولكن المشكلة الأكبر تكمن في انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى, أضف إلي ما ذكرته خبيرة البنك الدولي جشع كبار التجار وصغارهم وضعف الرقابة علي الأسواق ليطفو علي السطح أغنياء الحروب والأزمات, وهؤلاء أشد خطرا وفتكا من الحرب الروسية الأوكرانية علي أهلها .
تقرير البنك الدولي يتوقع تواصل ارتفاع الأسعار بسبب الحرب نظرا لان الدولتين المتحاربتين روسيا وأوكرانيا, من كبار مصدري القمح والذرة والشعير وزيت عباد الشمس والأسمدة.
لكن يجب أن لا ننسي أن هناك دولا من غير الحرب الروسية الأوكرانية تعاني أزمات اقتصادية كبري مثل لبنان التي وصفها البنك الدولي بأنها الأكثر حدة وقسوة في العالم بل وصنفت لبنان ضمن أصعب ثلاث أزمات سجلها التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر, إضافة إلي حال عدم الاستقرار والتمزق السياسي والانهيار الاقتصادي الذي يصر المسئولين هناك أنه لم يصل بعد إلي مرحلة الكارثة, بالرغم من انها لا يمكن تخزين القمح _ في حال توافره_ نظرا لتدمير مرفأ لبنان الذي كان يضم أكبر الصوامع في أغسطس 2020 ولم يتم بناء صوامع جديدة نظرا للأزمات الكبرى المتلاحقة هناك, دراما إنسانية ومأساة حقيقية يعيشها شعب لبنان, تمزق وانهيار مجتمعي حقيقي، يتطلب حلولا عاجله.
دائما ما كنا نحذر من اختلال السلم والسلام الاجتماعي في مقالات سابقة. وكان ذلك بالطبع في غير أوقات الحرب التي حلت أثارها الكارثية علي العالم أجمع منذ أسبوعين فقط , أما وقد لاحت الأزمات الكبرى وأطلت برأسها مثلما هو قائم الأن فالأمر مضاعف ومخاطرة صادمة, ويحتاج معالجة سريعة حاسمة حاكمة وحكيمة, ولا يجوز فيها أبدا استفزاز المواطنين إعلاميا باقتراحات من عينة البيض الاورجانك بالبسطرمة, أو الاكتفاء بالبطاطس المسلوقة لتجنب غلاء أسعار الزيوت, أو الخبيز بالمنازل مثلما كانت تفعل الجدات, أو ذلك الذي يقترح ضريبة للمتعة مقابل مشاهدة التليفزيون, ومن قال له أن التليفزيون بات يحمل ما يستحق عرضه في سوق المتعة.
مثل هذه التصريحات غير المسئولة تضر أكثر مما تفيد, وتفتقر للموضوعية والمصداقية, خاصة لو كان أصحابها ممن يمتلكون أرصدة مليونيه, و ظاهريا الخطاب كأنه لصالح المواطن لكنه في الواقع الحجر الذي قتل به الدب صاحبة.
المواطن يعلم أن هؤلاء لا ينتمون بأي حال من الأحوال لطبقة الكادحين المعذبين في الأرض التي أمتد شريحتهم واتسعت, بل أن المواطن كان ينتظر خطاب مختلف متزن صادر عن متخصصين في كل المجالات, مسئولين في الزراعة والتموين والمالية وعلماء اجتماع نفس وتغذية وصحة نفسية, الأمر بحاجة إلي غرفة عمليات تطلع المواطن علي الحقائق أولا بأول وكيفية التعامل معها لصالحة, بعيدا عن المعالجات الإعلامية السطحية الساذجة.
لا أحد ينكر نشاط وزارة الداخلية ومباحث التموين في مجال ضبط الأسواق والقبض علي أصحاب المخازن المتاجرين بالأزمات في القاهرة والوراق والغربية وغيرها ممن رفعوا الأسعار بلا مبرر أو أولئك الذين يقومون بتخزينها تمهيدا لرفع أسعارها في شهر رمضان المبارك.
يجب ان تكون الرسالة الرسمية الموجهة للمواطنين من ان مخزون السلع الأساسية يكفينا حتي نهاية العام وأننا لن نلجأ للسوق العالمية, لها ما يدعمها علي أرض الواقع ليس فقط بتوافر تلك السلع بل أيضا بثبات أسعارها, وتوفيرها لغير القادرين, نظرا لثبات الدخل وارتفاع أسعار كل شيء بشكل غير مبرر ومبالغ فيه. وحسب تصريحات المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء أن الحكومة ستعمل علي مواجهة الأزمة عبر زيادة المعروض و ستعمل خلال الأيام المقبلة علي إغراق الأسواق بكميات كبري من السلع حتي يصبح العرض أكبر من الطلب الذي يعيد ضبط الأسعار، ولعل اغراق الأسواق بالسلع ينقذ المواطن من غرقه في بحور الاستغلال والانتهازيه بكل صنوفها إعلاميه كانت او تجارية وكلاهما خطر داهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى