التعليم العالي والجامعات

رمضان في قلب الجامعة: طلاب من العالم يحتفلون بالشهر الفضيل في مصر

محتويات المقال

رمضان في قلب الجامعة: طلاب من العالم يحتفلون بالشهر الفضيل في مصرتحت سماء القاهرة النابضة بالحياة، ووسط أجواء تملؤها الروحانية والدفء الإنساني، فتح مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها أبوابه لاستقبال شهر رمضان المبارك باحتفالية استثنائية جمعت طلابًا وافدين من شتى بقاع الأرض. هذا الحدث، الذي أقيم تحت رعاية الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وبدعم من الدكتور أيمن فريد، مساعد الوزير للتخطيط الإستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل، وبإشراف الدكتور أحمد عبد الغني، رئيس الإدارة المركزية للوافدين، لم يكن مجرد مناسبة عابرة، بل كان لوحة فنية تجسد التنوع الثقافي والتواصل الحضاري الذي تتفرد به مصر، خاصة في هذا الشهر الكريم.

almomken.com 9Xc4TdpI

مبادرة “ادرس في مصر”: بوابة للثقافة والتعليم

في إطار مبادرة “ادرس في مصر”، التي أطلقتها وزارة التعليم العالي لاستقطاب الطلاب الوافدين من مختلف أنحاء العالم، جاءت هذه الاحتفالية كخطوة جديدة لتعزيز اندماج الطلاب في الحياة الثقافية والاجتماعية بمصر. الهدف لم يقتصر على تقديم تعليم أكاديمي متميز، بل امتد ليشمل خلق بيئة غنية بالإبداع والابتكار، حيث يمكن للطلاب اكتساب خبرات مهنية وإنسانية تُثري شخصياتهم وتُعمق تجربتهم التعليمية.

تخيل أنك طالب قادم من جورجيا، أو ربما من فيتنام، أو حتى من كينيا أو الصومال، تجد نفسك في قلب العاصمة المصرية تحتفل برمضان مع زملائك من تركيا، أوغندا، نيجيريا، أرمينيا، وقيرغيزستان. هذا التنوع الفريد هو ما جعل الاحتفال مميزًا، حيث التقى الطلاب مع معلميهم وإدارة المركز، وبحضور الدكتور أحمد عبد الغني وعدد من الشخصيات الأكاديمية والثقافية، ليخوضوا معًا تجربة لا تُنسى تجمع بين العلم والثقافة والإنسانية.

الدكتور أحمد عبد الغني: التآخي والاندماج في صلب التجربة

خلال كلمته في الحفل، ألقى الدكتور أحمد عبد الغني الضوء على أهمية هذه الفعالية ضمن سلسلة الأنشطة الثقافية التي يحرص المركز على تنظيمها. “نريد أن نشعر الطلاب الوافدين بأنهم جزء من عائلتنا، وأن نعرفهم بتراثنا الديني والثقافي العريق،” قال الدكتور عبد الغني بابتسامة تعكس شغفه بما يقدمه. وأضاف أن الهدف الأسمى هو ترسيخ روح المودة والتآخي بين الطلاب، بغض النظر عن جنسياتهم أو خلفياتهم.

لم تكن كلماته مجرد خطاب رسمي، بل كانت تعبيرًا صادقًا عن رؤية تهدف إلى جعل الطلاب سفراء للثقافة المصرية في بلدانهم. فقد أشار إلى أن هذه الفعاليات تُعزز التواصل الحضاري بين مصر والدول الأخرى، سواء كانت شقيقة أو صديقة، مما يجعل تجربة الدراسة في مصر أكثر من مجرد حصول على شهادة، بل مغامرة ثقافية ممتعة ومفيدة.

مائدة رمضانية عالمية: نكهات من كل الأوطان

ما أضفى على الاحتفال طابعًا خاصًا هو مشاركة الطلاب في تقديم الأطباق التقليدية من بلدانهم. تخيل مائدة تضم طبقًا من “الخاتشابوري” الجورجي بجانب “الفو” الفيتنامي، و”السمبوسة” الكينية تتشارك المساحة مع “المحشي” المصري الشهير. هذا المزيج من النكهات لم يكن مجرد وليمة للمعدة، بل كان احتفاءً بالتنوع الذي يجمع الناس تحت مظلة رمضان.

كل طالب أحضر قطعة من وطنه إلى هذه المائدة، ما جعل الأجواء تعكس ثراء العادات الرمضانية حول العالم. من الصومال إلى تركيا، ومن نيجيريا إلى أوغندا، كانت كل لقمة تروي قصة شعب، وكل طبق يحمل عبق ثقافة مختلفة. هذه اللحظات لم تكن مجرد تبادل طعام، بل تبادل للأفكار والخبرات والذكريات.almomken.com jheZmKpQفقرات فنية وثقافية: من القرآن إلى الإنشاد

لم يقتصر الحفل على تناول الطعام وتبادل الأحاديث، بل تخللته فقرات أضافت إلى الأجواء عمقًا روحانيًا وإبداعيًا. بدأ الاحتفال بتلاوات قرآنية عذبة ملأت المكان بجو من السكينة والخشوع، تلاها إنشاد ديني أبهر الحضور بجمال الأداء وصدق الشعور. وكأن هذه اللحظات كانت تعانق الروح قبل العقل، تضع الجميع في حالة من التأمل والانسجام.

ثم جاءت العروض التعريفية التي قدمها الطلاب عن عادات وتقاليد رمضان في بلدانهم. طالب من الصومال تحدث عن “السحور” وكيف يجتمع الناس في بلاده لتناول التمر والماء، بينما شاركت طالبة من تركيا قصصًا عن “المسحراتي” الذي لا يزال يوقظ الناس في قراها. ومن نيجيريا، روى طالب كيف يتحول الشهر الفضيل إلى مهرجان من الصلاة والمشاركة الاجتماعية. هذه القصص لم تكن مجرد حكايات، بل جسوراً بنيت بين الطلاب لتعميق فهمهم لبعضهم البعض.

المركز الثقافي المصري: جسر التعليم والثقافة

لا يمكن الحديث عن هذا الاحتفال دون الإشادة بدور المركز الثقافي المصري لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، الذي يقف كركيزة أساسية في مبادرة “ادرس في مصر”. منذ تأسيسه في عام 1964، أصبح المركز منارة لتعليم اللغة العربية، حيث قدم برامج تعليمية شاملة وشهادات معتمدة من وزارة التعليم العالي، ليخدم آلاف الطلاب من مختلف أنحاء العالم.

لكن دوره لم يتوقف عند التعليم الأكاديمي، بل امتد ليشمل تعزيز التواصل الحضاري بين مصر وباقي الدول. من خلال فعاليات مثل احتفالية رمضان، يسعى المركز إلى جعل الطلاب يعيشون اللغة العربية، لا أن يتعلموها فقط. “نحن نزرع فيهم حب الثقافة المصرية، ونجعلهم يشعرون بأنهم في وطنهم الثاني،” هكذا يصف أحد المعلمين في المركز رسالتهم.

تجربة لا تُنسى: الدراسة في مصر أكثر من مجرد كتب

ما يجعل الدراسة في مصر تجربة استثنائية هو أنها تتجاوز جدران الفصول الدراسية. الطلاب الوافدون لا يكتفون بدراسة المناهج، بل يعيشون الحياة المصرية بكل تفاصيلها. في رمضان، يشاركون في الإفطار الجماعي، يستمعون إلى الأذان يصدح من المآذن، ويرون الناس يتجمعون لصلاة التراويح. هذه التفاصيل الصغيرة تترك أثرًا عميقًا في نفوسهم، وتجعل تجربتهم أكثر غنى وتنوعًا.

تخيل أنك طالب من قيرغيزستان، تجلس على مائدة إفطار في القاهرة، تشارك الخبز والتمر مع زملائك، ثم تنضم إلى حوار عن عادات رمضان في بلدك. هذه اللحظات ليست مجرد ذكريات، بل دروس حياة تُعزز فهمك للعالم من حولك.

ختامًا: رمضان في مصر، حيث التنوع يلتقي بالإنسانية

في النهاية، كانت هذه الاحتفالية برمضان أكثر من مجرد مناسبة موسمية، بل كانت تعبيرًا حيًا عن الروح الإنسانية التي تجمع الناس من مختلف الجنسيات والثقافات. في مصر، حيث يمتزج التاريخ بالحاضر، والتعليم بالثقافة، يجد الطلاب الوافدون بيئة تحتضنهم، تُمكنهم من تحقيق طموحاتهم العلمية واكتشاف أنفسهم من جديد.

إذا كنت تبحث عن وجهة للدراسة في الخارج، فلماذا لا تكون مصر خيارك؟ هنا، لن تجد فقط تعليمًا متميزًا، بل ستعيش تجربة حياة غنية بالمعرفة والتواصل الإنساني. وفي رمضان، ستجد نفسك جزءًا من احتفالية تجمع العالم في قلب القاهرة. فهل أنت جاهز لهذه الرحلة؟


بهذا نكون قد استعرضنا تفاصيل احتفالية رمضان التي نظمها مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وكيف أنها تعكس الدور الكبير الذي تلعبه مصر في استقطاب الطلاب الوافدين وإثراء تجربتهم الثقافية والتعليمية. احتفالية لم تكن مجرد حدث، بل شهادة حية على قدرة التعليم على بناء الجسور بين الشعوب.almomken.com c2zy5aYC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى