بقلم !!!

برقيات.. احتمال ضعيف للحرب

بقلم جيهان عبد الرحمن

أسمي ايلي, لكن هذا لا يهم عمري 26 عاما,أنني اكرهكم, أنتم الصحافيون الذين ترتزقون من الجثث, تمجدون الحرب بكلمات طنانة, لن أنسي لحظة عدت من المعركة في الهضبة وعلي دبابتي 14 جريحا أستطعت انقاذهم مما تبقي من دبابات السرية, ينزفون الدماء واعضاء اجسادهم مهشمة, هرول نحونا مصور وصحافي من التلفزيون تمنيت في تلك اللحظة أن اطلق النارعليهما, فهما يغترفان قصصا فظيعة من فلول العائدين من المعركة.

أيلي ضابط إسرائيلي لوكان علي قيد الحياة فعمره الأن 76 عاما, كان قائد دبابة, وصف جيشه في ذلك الوقت ” بالكومة ” التي يسمونها تساهلا الجيش الإسرائيلي, قال أشتركت في ثلاث حروب الأيام السته والأستنزاف ويوم الغفران, اصبت بشظايا متفرقة وفي عمودي الفقري في حرب الإستنزاف كادت الإصابة تصيبني بالشلل, عندما سمعت في الإذاعة عن هذة الحرب أخذت أرتعد كنت واثقا بأنه سيقضي علي هذة المرة, وأخذ يشرح أهوال ما تعرض له وكتيبته في الحروب السابقة, أما في تلك الحرب فوجئ بكل الأهوال دفعة واحدة, قال ما حطمني تماما أنني عندما أبلغت قائد كتيبتي أن طائرات الفانتوم أغارت علي فقال بلا مبالاة لماذا لم تصبك علي غير عادتها ؟

قال وهو يسرد تاريخ أسرته ووالده الذي خاض أربع حروب منذ الحرب العالمية الثانية , أنهم كانوا يرسلون لهم في فترات الخدمة الأحتياطية قبل حرب يوم الغفران من يحدثهم بحماسة عن الحروب المقبلة وكيف سيحتلون دمشق بكل سهولة ويسر, قال .. حين كنت عائدا حاملا الجرحي علي برج دبابتي, رأيت ذلك المظلي داعية الحروب تحت غطاء سميك من الأقذار,أردت أن أضربه أنذاك وطلبت منه أن ينظرالي رفاقي الجرحي وهل لا يزال متحمسا لهذا الامر لكنه خفض نظره حياء.

كان ذلك مقتطفا من مقابلة مع ضابط مدرعات مهزوم عائدا من هضبة الجولان أكتوبر1973, من كتاب التقصير”ألمحدال” في صفحاته التمهيدية متخذا حديثة نقطة بداية لتفنيد أوجه التقصيرالتي وقع فيها جيش الإحتلال ودولته المتغطرسه, أولها بالطبع الإعلام الذي حملوه نصيب الاسد لهزيمتهم, فقد كانوا بوقا لدعاية كاذبة, بل كان المراسليين العسكريين في أجتماع 11 صباحا مع الجنرال ايلي زعيرا وقال لهم بغير أكتراث “ان حربا فد تندلع في أية لحظة “, حتي بعد إنطلاق صافرات الإنذار سأله مراسل هاأرتس ماذا حدث فقال له لاشيء .

يوم السادس من أكتوبر, تشرين الأول 1973 يطلق عليه اليهود بالعبرية يوم كيبور أي الغفران الموافق العاشر من رمضان, ذكري يوم بدر الذي نصر الله الرسول الكريم وجيش المسلمين رغم قلة عددهم بجنود لم يروها وكان النصر العظيم. اليوم في ذاته شكل مفاجأة شلت حركة إسرائيل في الأيام الأولي للحرب خاصة وأن ذلك اليوم تتوقف فيه الحياة بشكل تام وفقا للتعاليم اليهودية يصومون وتغلق أجهزة المذياع, وأختيار الثانية ظهرا ساعة للصفر, أعطي أنطباعا بالتراخي منذ بداية اليوم.

ايلي الضابط المهزوم كان غضبا من الصحافيين الذين تجمعوا لتوثيق صور ولقاءات الجرحي أراد ان يضربهم بالنار, لم يعترف أن موقفه هذا سيختلف لو لو كان عائدا منتصرا, بل وصفهم بأبشع الأوصاف وأنهم يغترفون قصصا من دماء العائدين, وتارة أخري أراد ضرب أحد المحاضريين ممن أسماه دعاة الحروب, وهذه محاضرات تنظمها الشئون المعنوية لأشعال الحماسة بين الجنود, أكتشف كذبها وتضليلها فور وقوع الحرب. هذا الجندي المنتمي لكيان مغتصب للإرض العربية والفلسطينية , قتلة الأطفال من يديرون المذابح بدم بارد, يريد مثل كل الطغاة تطويع الإعلام وفق مصالحه فهو إعلام جيد حال النصر ومضلل وكاذب حال الهزيمة.

علي الجانب المصري كيف تم إستخدام الإعلام ضمن تكتيك الحرب؟ فقد كشف الفريق أول اسماعيل علي وزير حربية مصر بعد الحرب ثمة ثلاث طرق إستخدمت لتضليل العدو. سرب إلي جريدة الأهرام أن ضباطا وجنودا مصريون ينون السفر إلي مكة لإاداء فريضة عمرة رمضان, ونشر أن وزير دفاع رومانيا سيزور القاهرة 8 أكتوبر. وفي الميدان تم تحريك ألوية مدرعه باتجاه القناة لكن كل ليلة تعود كتيبة واحدة علي ألاقل من كل لواء لتعطي انطباعا بانها مناورة خاصة بالخطوط الخلفيه والنتيجة كما جاءت في كل تقاريرهم ..”احتمال ضعيف للحرب ” وللحديث بقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى