بقلم !!!

برقيات .. مارس شهر ربة القمر .. بقلم جيهان عبد الرحمن

برقيات

مارس شهر ربة القمر

جيهان عبد الرحمن

ملكة الآلهة, أم الفراعنة, إيزيس, ربة القمر والأمومة, عشقها المصريين القدماء, قصدتها كل امرأة تريد الإنجاب, كانت ومازالت رمزا للمرأة المصرية و الخصوبة والصحة والجمال والصمود والتحدي, شامخة تحتضن وليدها حورس وهي ترضعه, أرتبط الاحتفال بها بفيضان النيل من كل عام, حيث النماء والحياة والربيع, إيزيس وإن كانت لدي القدماء معبودة كل فصول العام, لكنها في شهر مارس الذي نودعه بعد أياما قليلة لها مكانة خاصه.
مارس شهر المرأة عالميا ومصريا وتاريخيا, فيه موسم الفيضان والربيع وفية أيضا عيد المرأة العالمي 8 مارس, والذي تم إقراره عيدا عام 1977, ليتوج مسيرة كفاح بدأت منذ تظاهرت عاملات النسيج في شوارع نيويورك عام 1856 احتجاجا علي الظروف غير الإنسانية التي يعملن فيها, ثم تجددت مظاهرتهن وهن يحملن الخبز اليابس والورود عام 1908 للمطالبة بالمساواة وكافة حقوق الإنسان التي يتمتعن بها اليوم.
في مارس يومان مصريان خالصان, وهما يوم المرأة المصرية 16 مارس حين قامت سيدات مصر بمظاهرة ضد الاستعمار واستشهاد ستة مناضلات , حتي دعت هدي شعراوي لتأسيس أول اتحاد نسائي مصري عام 1923 مطالبة بالمساواة السياسية والاجتماعية وضرورة حصول المرأة المصرية علي حق التعليم الثانوي والجامعي ومن قبلة حقها في صوت انتخابي أسوة بالرجال, ثم جاء يوم و21 الذي دعي له الكاتب الكبير مصطفي أمين ليكون عيدا للأم, ولاقت الدعوي قبولا كبيرا, وسط دعوات متشددة تظهر وتخبو حسب الظروف والمناخ السياسي السائد, من جانب بعض التيارات الدينية السلفية برفض الاحتفال بهذا اليوم باعتباره عيدا, وحجتهم أن الإسلام لا يعترف إلا بعيدين فقط هما عيد الفطر وعيد الأضحى.
والعالم يدعو ويسعي نحو مزيدا من الحريات والحقوق في ملف المرأة وحقوق الإنسان بشكل عام يأتي قرار حركة طالبان, بإغلاق المدارس الثانوية للفتيات إلي حين وضع خطة تتفق مع الشريعة الإسلامية حسب زعمهم, وكأنهم يخترعون دينا جديدا, لتؤلب علينا المواجع, وتذكرنا بحزب ديني لبس ثوب سياسي وأستطاع في غفلة من الزمان الوصول إلي مجلس النواب بمرشحات استبدلن صورهن بوردة حمراء لأنهن عورة لا يجوز لنا رؤيتهن رغم تقدمهن للعمل السياسي العام, ورجال حدثونا عن القيم والفضيلة والدين, وسرعان ما وجدت فضائحهم طريقها إلي صفحات الحوادث في قضايا أخلاقية مخجلة.
الوضع في أفغانستان غامض ويثير القلق ما دفع الأمم المتحدة للقول أنها تشعر بخيبة أملها وإحباطها الكبير, خاصة وأن طالبان سيطرت علي أفغانستان في أغسطس العام الماضي وفرضت قيودا كبيرة علي النساء, وبحجة جائحة كورونا أغلقت المدارس وبعد شهرين سمح فقط بعودة الدراسة للفتيان والفتيات الصغيرات, وبعد ستة أشهر من التوقف عادت الدراسة الثانوية للفتيات الأربعاء الماضي لبضع ساعات فقط, ثم سرعان ما صدرت الأوامر بعودتهن ألي منازلهن وسط بكاء ورفض وحزن كبير.
الناطق باسم التعليم هناك قال ليس مسموح لنا بالتعليق علي هذا الأمر, وسيقت أيضا حجج وأقوال علي غرار الشعب غير مؤهل للديموقراطية, فقالوا, العقليات هناك ليست جاهزة للتعليم, خاصة في القري والمناطق النائية, لكن أكثر التصريحات إثارة هي ما أعلنته وكالات الأنباء هناك, ان مدارس الفتيات ستظل مغلقة إلي حين وضع خطة تتوافق مع الشريعة الإسلامية والثقافة الأفغانية.
مبعوثة الأمم المتحدة لأفغانستان رينا أميري كتبت عبر حسابها الشخصي, إن إغلاق المدارس يضعف الثقة في التزامات طالبان ويبدد أمال العائلات في مستقبل أفضل لبناتهن. و مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قالت في بيان لها أنها تشارك تلميذات الثانويات الأفغانية شعورهن بالإحباط وخيبة الأمل, احد خبراء المعهد الأمريكي للسلام يري ان القرار شرخا في إدارة طالبان للبلاد.
مازالت ردود الفعل علي قرار حركة طالبان ضعيف وفردي, خاصة وأنه خلال حكم طالبان الأول بين عامي 1996 إلي عام 2001 أغلقت كل مؤسسات تعليم الفتيات, وفي العام الماضي كان الاعتراف بنظام طالبان من جانب الولايات المتحدة معلق علي شرط الاعتراف بحق التعليم للجميع. لكن النساء في طالبان ممنوعات من الوظائف الحكومية, ومن السفر خارج مدنهن بمفردهن, ولا مجال للحديث عن حقوق المرأة, ثمة توقعات بتوضيح اكبر من مسئولي أمارة طالبان في الأيام القليلة القادمة, ربما ضغوطا أمريكية تحدث تغيرا في الموقف, لكن المؤكد ان مصر كانت محظوظة بربة القمر والأمومة إيزيس قبل الميلاد والأديان السماوية, وكانت أكثر حظا بعدما تخلصت من سيطرة التيارات الدينية السلفية عن الحكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى