التخطيط العمراني بجامعة القاهرة تعقد مؤتمرها الدولي

“التخطيط الابتكاري” يضيء جامعة القاهرة: مؤتمر دولي يواجه تحديات العمران!

على أرض جامعة القاهرة، حيث التاريخ يلتقي بالمستقبل، نظمت كلية التخطيط الإقليمي والعمراني مؤتمرها العلمي الدولي الثاني عن التخطيط العمراني بعنوان “التخطيط الابتكاري في مجابهة تحديات العمران”. الحدث، الذي أقيم تحت رعاية الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس الجامعة، وبإشراف الدكتور محمد رفعت، عميد الكلية، لم يكن مجرد لقاء أكاديمي، بل منصة حيوية جمعت خبراء ومسؤولين ومهندسين لرسم ملامح التنمية العمرانية المستدامة في مصر. حضور نائب وزير الإسكان وعدد من الشخصيات البارزة أضفى على المؤتمر طابعاً خاصاً، فما الذي دار في هذا الحدث المثير؟ وكيف يمكن أن يغير وجه العمران المصري؟ دعونا نأخذكم في جولة داخل هذا المؤتمر الاستثنائي!

انطلاقة قوية: التخطيط الاحتوائي في قلب الحدث

في كلمته الافتتاحية، ألقت الدكتورة غادة عبد الباري، القائم بأعمال نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، الضوء على أهمية المؤتمر في مواجهة التحديات التي تعصف بالعمران المصري. “نحن أمام لحظة حاسمة”، تقول بحماس، مشيرة إلى أن التخطيط الاحتوائي هو السلاح الأمثل للتعامل مع الكوارث البيئية، الاقتصادية، والاجتماعية. أكدت أن الجامعة لن تدخر جهداً في دعم كلية التخطيط لتقود النهضة العمرانية في مصر، في رسالة تعكس رؤية طموحة للمستقبل.

هذه الكلمات لم تكن مجرد افتتاحية، بل وضعت الإطار العام للمؤتمر الذي سعى إلى تقديم حلول عملية لمشكلات التخطيط العمراني الملحة، من المدن المزدحمة إلى التغيرات المناخية التي تهدد البنية العمرانية.

عميد الكلية يرحب: أفكار مبتكرة لعمران أفضل

الدكتور محمد رفعت، عميد الكلية، استقبل الحضور بابتسامة واثقة وكلمات تحمل الأمل. “هذا المؤتمر ليس مجرد نقاشات، بل منصة لأبحاث علمية وأفكار قابلة للتطبيق”، يقول بفخر. أشار إلى أن الكلية تعتمد أحدث الأساليب العلمية في تدريس طلابها، بهدف إعداد كوادر متميزة قادرة على رفع مستوى العمران المصري ومواكبة متطلبات السوق العالمي.

لم يكتفِ بذلك، بل أضاف أن مخرجات المؤتمر ستكون بمثابة خريطة طريق لاستدامة التنمية العمرانية، تعزز الاقتصاد وتحسن جودة حياة المواطنين. هذه الرؤية جعلت الحضور يتطلعون لما سيقدمه المؤتمر من حلول مبتكرة.

نائب وزير الإسكان: خطط طموحة للمستقبل

الدكتور سيد إسماعيل، نائب وزير الإسكان، كان أحد نجوم المؤتمر بكلمته التي استعرضت جهود الوزارة في التنمية العمرانية. “نعمل على مشروعات تعتمد على التخطيط العمراني بكل مستوياته”، يقول بثقة، مشيراً إلى المشروعات الجارية في قطاع الإسكان والمرافق والمدن الجديدة. من العاصمة الإدارية إلى المدن الذكية، أكد أن الوزارة تسعى لخلق بيئة عمرانية مستدامة تلبي احتياجات المواطنين.

كلمته لم تكن مجرد عرض، بل رسالة واضحة عن تعاون الجهات الحكومية مع الأكاديميين لتحقيق رؤية مصر 2030، مما أضاف بعداً عملياً للمؤتمر.

جلسة “التكنولوجيا ومدن المستقبل”: رؤى ثورية

الجلسة الأولى بعنوان “التكنولوجيا ومدن المستقبل” كانت بمثابة انفجار من الأفكار المبتكرة. تحدث الدكتور عبد الخالق إبراهيم، مساعد وزير الإسكان، عن دور التكنولوجيا في تصميم مدن ذكية تواجه التحديات البيئية. تلاه الدكتور فاضل ديغام من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، الذي ركز على أهمية البنية التحتية الرقمية في المدن المستقبلية.

الدكتور محمد فتحي، مدير الكود المصري للمدن المستدامة، قدم رؤية عملية لتطبيق معايير الاستدامة في التخطيط العمراني، بينما أبهر الدكتور طارق أبو السعود الحضور بتحليل البيانات الجيومكانية وكيف يمكنها تحسين إدارة المدن. هذه الجلسة لم تترك مجالاً للملل، فقد جمعت بين العلم والتطبيق في حوار ملهم.

جلسة “City Branding”: هوية المدن تتألق

الجلسة الثانية، التي حملت عنوان “City Branding” أو هوية المدن، أضافت نكهة خاصة للمؤتمر. الدكتور وليد عباس، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية، تحدث عن كيفية بناء هوية مميزة للمدن الجديدة تجذب الاستثمار والسياحة. الدكتور مصطفى منير، من الهيئة العامة للتنمية السياحية، ربط بين التخطيط العمراني والترويج السياحي، فيما قدم المهندس أيمن عامر، من شركة سوديك، تجربة القطاع الخاص في هذا المجال.

الدكتور عباس الزعفراني، العميد الأسبق للكلية، أكمل الصورة بأفكار عن التصميم العمراني كأداة لتعزيز هوية المدن. هذه الجلسة لفتت الأنظار بأفكارها الخلاقة التي يمكن أن تحول المدن المصرية إلى علامات فارقة عالمياً.

حضور مميز: نخبة من القادة والخبراء

لم يقتصر المؤتمر على المتحدثين فقط، بل شهد حضوراً كبيراً من الشخصيات المؤثرة. الدكتور أحمد الزيات، رئيس شعبة الهندسة المعمارية بنقابة المهندسين، والدكتورة سحر عطية، عضو مجلس النواب، أضافا بعداً مهنياً وسياسياً للحدث. كما حضر الدكتور محمد أبو سعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري، والدكتور محمد مسعود، رئيس مجلس إدارة المركز القومي للبحوث، في دلالة قوية على أهمية المؤتمر.

هذا الحضور لم يكن مجرد ديكور، بل عكس تعاوناً حقيقياً بين الأكاديمية والحكومة والقطاع الخاص لمواجهة تحديات العمران.

تكريم الأبطال: لحظات عاطفية في الختام

في نهاية المؤتمر، حرص الدكتور محمد رفعت على تكريم الجيل الأول من أبناء الكلية، الذين ساهموا في بناء تاريخها العريق، إلى جانب الضيوف الرعاة. هذه اللحظة أضافت لمسة إنسانية للحدث، حيث اختلطت دموع الفخر بابتسامات الامتنان، في مشهد يعكس الروح الجماعية التي قادته.

التخطيط الابتكاري: مفتاح التنمية المستدامة

هذا المؤتمر عن التخطيط العمراني لم يكن مجرد نقاشات نظرية، بل خطوة عملية نحو مستقبل عمراني أفضل. من التكنولوجيا إلى هوية المدن، تناول المؤتمر كل الجوانب التي يمكن أن تحول التحديات إلى فرص. فكرة التخطيط الاحتوائي التي طرحتها الدكتورة غادة عبد الباري، إلى جانب الحلول التكنولوجية والاقتصادية، تجعل من هذا الحدث منصة للتغيير الحقيقي.

الخبراء اتفقوا على أن التعاون بين الجامعات والحكومة والقطاع الخاص هو السبيل لتحقيق التنمية المستدامة، وأن الشباب المتسلح بالعلم والابتكار هو الرهان الأكبر.

الخلاصة: مؤتمر يرسم مستقبل العمران المصري

مؤتمر “التخطيط الابتكاري في مجابهة تحديات العمران” بجامعة القاهرة لم يكن مجرد حدث عابر، بل نقطة انطلاق لتحول كبير في النظرة للتخطيط العمراني في مصر. بمشاركة نخبة من الخبراء والمسؤولين، وأفكار مبتكرة قابلة للتطبيق، أثبت المؤتمر أن العمران المصري قادر على مواجهة التحديات والارتقاء إلى مستوى عالمي.

هل تكون هذه النسخة الثانية بداية لسلسلة تغير وجه المدن المصرية؟ الإجابة تكمن في مدى تطبيق هذه الأفكار على أرض الواقع. لكن ما هو مؤكد أن كلية التخطيط الإقليمي والعمراني قد وضعت بصمتها كقائدة لهذا التغيير!