
المجلس الوطني للاعتماد يرسم مستقبل الجودة في مصر: 815 جهة معتمدة في 2024
في خطوة تعكس طموح مصر لتصبح مركزًا إقليميًا وعالميًا للجودة والاعتماد، ترأس الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، الاجتماع التاسع والثلاثين لمجلس إدارة المجلس الوطني للاعتماد. هذا اللقاء، الذي عُقد بحضور المهندس هاني الدسوقي، المدير التنفيذي للمجلس، وأعضاء مجلس الإدارة، لم يكن مجرد اجتماع روتيني، بل كان فرصة لاستعراض إنجازات 2024 والكشف عن خطط مستقبلية تُعزز مكانة مصر في الساحة الدولية.

إنجازات 2024: أرقام تتحدث عن النجاح
افتتح الاجتماع بكلمة الوزير التي أكد فيها على الدور الحيوي للمجلس الوطني للاعتماد كجهة وطنية رائدة، تتولى تقييم واعتماد الجهات المختصة بمعامل الاختبار، المعايرة، التحاليل الطبية، التفتيش، ومنح الشهادات المختلفة. وبحسب تقرير الإنجازات المُقدم، فقد نجح المجلس في اعتماد 815 جهة داخل مصر بنهاية عام 2024، وهو رقم يعكس التزامه بتعزيز منظومة الجودة في السوق المحلي.
لكن الطموح لم يتوقف عند الحدود المصرية. فقد توسع المجلس أفقيًا ليشمل 22 دولة عربية وأفريقية وأوروبية، حيث اعتمد 82 جهة خارج مصر. هذا الانتشار لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة حصول المجلس على الاعتراف الدولي في 10 مجالات اعتماد مختلفة، مما عزز ثقة المجتمع الدولي بكفاءته وأدائه.

المجلس الوطني للاعتماد: ركيزة الجودة في مصر
تأسس المجلس الوطني للاعتماد بقرار جمهوري رقم 312 لسنة 1996، ليكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن تقييم واعتماد جهات تقييم المطابقة في مصر. ومع مرور الوقت، تطور دوره ليصبح شاملاً، يغطي 13 مجال اعتماد تشمل معامل الاختبار والمعايرة، التحاليل الطبية، جهات منح شهادات نظم الإدارة، شهادات المنتجات، الأفراد، البنوك الحيوية، الطب الشرعي، شهادات الحلال، المصادقة والتحقق، منتجي المواد المرجعية، اختبارات الكفاءة الفنية، وجهات التفتيش. كل ذلك يتم وفقًا للمواصفات الدولية، مما يضمن جودة عالمية للخدمات المقدمة.
الوزير كامل الوزير أشار إلى أن هذا التنوع في المجالات يعكس حرص وزارة الصناعة على الارتقاء بمنظومة الجودة، ليس فقط في المؤسسات الحكومية، بل أيضًا في القطاع الخاص. “نريد منتجات وخدمات تلبي طموحات المصريين وتفتح أسواقًا تصديرية جديدة”، هكذا عبّر الوزير عن رؤيته، مؤكدًا أن الجودة هي مفتاح النهضة الاقتصادية.

طموحات عالمية: خطط مستقبلية تتجاوز الحدود
لم يكتفِ المجلس بما حققه في 2024، بل وضع خططًا طموحة للمستقبل. من أبرز هذه الخطط، السعي لتمديد الاعتراف الدولي في مجالي المواد المرجعية (RMP) والبنوك الحيوية مع المنظمة الأوروبية للاعتماد. كما يهدف المجلس إلى مضاعفة أنشطته خارج مصر، لتعزيز الثقة الدولية بأدائه، إلى جانب تنفيذ خطة تسويقية تشمل ندوات وورش عمل تعريفية في محافظات ذات تجمعات صناعية كبرى، برعاية وزير الصناعة.
هذه الخطوات ليست مجرد أهداف على الورق، بل خطة عملية لجعل المجلس الوطني للاعتماد ركيزة أساسية في دعم الصناعة المصرية وتعزيز قدرتها التنافسية عالميًا. “نريد أن نكون معيارًا عالميًا للجودة والإتقان”، هكذا أكد الوزير، مشيرًا إلى أهمية التعاون مع المنظمات الدولية لضمان تطبيق أعلى معايير الجودة.

المصادقة والتحقق: خطوة نحو الاستدامة
من بين الإنجازات التي أشاد بها الفريق كامل الوزير، حصول المجلس على اعتراف المنظمة الأوروبية للاعتماد في مجال المصادقة والتحقق. هذا الاعتراف يأتي في وقت حساس، حيث تتحول مصر إلى سوق طوعي لتداول شهادات الانبعاثات الكربونية، ومع اقتراب تطبيق آلية تعديل الحدود الكربونية (CBAM) في الاتحاد الأوروبي. ما يميز المجلس هو أنه الجهة الوحيدة خارج الاتحاد الأوروبي التي حصلت على هذا الاعتراف في هذا المجال، بل وأصبح الوحيد عالميًا المعترف به من ثلاث منظمات إقليمية: الأوروبية، الأفريقية، والعربية، إلى جانب المنظمات الدولية.
هذا الإنجاز ليس مجرد وسام شرف، بل خطوة استراتيجية تدعم توجه مصر نحو الاستدامة وتفتح أبوابًا جديدة للصادرات المصرية في الأسواق الأوروبية والعالمية.
التحديات والحلول: طريق الجودة ليس مفروشًا بالورود
رغم النجاحات، لا يخلو المسار من تحديات. زيادة الوعي بدور المجلس بين الشركات والمؤسسات، توفير التدريب المستمر للجهات المانحة لشهادات الجودة، وضمان استدامة التمويل، كلها عقبات تحتاج إلى حلول مبتكرة. الوزير وجه بضرورة اتخاذ آليات للتعريف بدور المجلس، سواء عبر حملات توعية أو تعاون مع الجهات المختصة، لضمان تفعيل دوره بشكل أكبر.
كما شدد على أهمية الرقابة الدورية على الجهات المعتمدة، لضمان استمرار التزامها بمعايير الجودة. “لا نريد فقط اعتماد الجهات، بل نريد ضمان استمراريتها في تقديم خدمات متميزة”، هكذا علق الوزير، مؤكدًا أن الهدف هو بناء منظومة جودة متكاملة تخدم الاقتصاد المصري.
لماذا يهمك المجلس الوطني للاعتماد؟
إذا كنت تتساءل عن أهمية هذا المجلس في حياتك اليومية، فالإجابة بسيطة: الجودة تؤثر على كل شيء. من المنتجات التي تشتريها، إلى الخدمات التي تعتمد عليها، مرورًا بالثقة في الصادرات المصرية عالميًا. عندما يعتمد المجلس معامل اختبار أو جهات تفتيش، فإنه يضمن لك منتجًا آمنًا وخدمة موثوقة. وعندما يتوسع خارج مصر، فإنه يفتح أسواقًا جديدة للمنتجات المصرية، مما يعني فرص عمل أكثر ونمو اقتصادي مستدام.
ختامًا: مصر نحو العالمية بمعايير الجودة
الاجتماع التاسع والثلاثين للمجلس الوطني للاعتماد لم يكن مجرد عرض للإنجازات، بل كان رسالة واضحة: مصر تسير بخطى ثابتة نحو أن تصبح مركزًا للجودة والاعتماد في المنطقة والعالم. تحت قيادة الفريق كامل الوزير، وبدعم من فريق المجلس، يبدو المستقبل واعدًا. لكن النجاح لن يكتمل إلا بمشاركة الجميع، من مؤسسات حكومية وقطاع خاص إلى أفراد المجتمع. فهل أنت مستعد لتكون جزءًا من هذه النهضة؟ الجودة ليست مجرد شعار، بل مستقبل نصنعه معًا.