بقلم !!!

الكيل بمكيالين.. والوجه القبيح للعام ..بقلم ياسر حمدي

على المجتمع الدولي أن يدرك حقيقة واحدة وهي أن القضية الفلسطينية لن تموت، خاصةً وأن الفلسطينين ليس لديهم أي سبب للتخلي عنها في ظل الوجود الإسرائيلي غير الشرعي على أراضيهم، والسياسات الصهيونية القائمة على التمييز العنصري، واغتصاب القدس ووطنهم بدون وجه حق، والزحف الاستيطاني المجحف على أراضيهم، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقهم الأساسية والإنسانية، ورغم ذلك يظل الأمل لديهم باق مهما كانت التحديات والتهديدات.

إن ما قامت به عناصر المقاومة الفلسطينية بعملية أُطلق عليها «طوفان الأقصى»، مخترقة الغلاف الأمني الإسرائيلي، وكبدت العدو خسائر فادحة ما بين ستمائة قتيل وأكثر من ألفي مصاب، وأسرت منهم عدد كبير، محطمة بذلك أسطورة القبة الحديدية، وللمرة الأولى يستخدم فيها عناصر تسليح متطورة في الهجوم على المستوطنات مثل الخفاش الطائر، وطائرات مسيرة بالإضافة للصواريخ، في أسلوب جديد تميز بعودة الهجمات البرية واستهداف قواعد عسكرية لجيش الإحتلال، ومهاجمة مستوطنات ودبابات بأفراد من المقاومة، والقيام بعمليات أسر كبيرة للجنود الإسرائيلين – وهذا منهج معروف لدى الحرس الثوري الإيراني – مما أظهر الوجه القبيح للعالم.

هؤلاء المتشدقون بالإنسانية ويعتبرون أنفسهم الحارث الأمين على حقوقها ها هم يكشفون عن وجههم القبيح، ويكيلون بمكيالين، وبدلًا من أن يجبروا إسرائيل على الإعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه المحتلة يساندونها على شن هجوم ساحق لتدمير قطاع غزة، ومعاقبة كل الفلسطينيين، وقتل المدنيين العزل من أطفال ونساء وهدم المنازل على رؤوسهم، في انتهاك صريح لأبسط حقوق الإنسان!.

الملفت للنظر هو تصريح مفوض الإتحاد الأوروبي لشؤون التوسع وحسن الجوار أوليفر فارهيلي، أن الإتحاد الأوروبي علق جميع مساعداته للشعب الفلسطيني، ويراجع المشاريع المشتركة بسبب تصاعد الصراع مع إسرائيل، وكتب على منصة أكس: «وصل نطاق الإرهاب والوحشية تجاه إسرائيل وشعبها إلى نقطة تحول.. تقوم المفوضية الأوروبية باعتبارها أكبر طرف مانح للفلسطينيين، بمراجعة مجموعة كاملة من مشاريع التنمية بقيمة تزيد عن 691 مليون يورو، وأن الإتحاد الأوروبي يعلق على وجه السرعة كل المدفوعات لصالح الفلسطينيين، كما يتم تعليق العمل على كل المشاريع الجديدة بما في ذلك لعام 2023»!!.

الغريب أن فارهيلي وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب! والأغرب هو معاقبة شعب يطالب بأبسط حقوقه في الحياة.. والإتحاد الأوربي دائمًا ما يصدر للعالم أنه راعي حقوق الإنسان والمحافظ عليها! فأين هو من حقوق الإنسان التي تنتهكها قوات الإحتلال الصهيوني على مرأى ومسمع من العالم كله تجاه الأطفال والنساء وكبار السن بل وكافة الشعب الفلسطيني؟!.

بعد عملية طوفان الأقصى السبت الماضي، سارعت دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية بمعاقبة الشعب الفلسطيني كله والوقوف بجانب المحتل الغاصب ومساندته بالقوة تجاه صاحب الحق والأرض، حتى أنها أرسلت حاملات الطائرات وعليها عدد من الجنود الأميركيين وكل طواقمها لمساعدة إسرائيل في شن حرب خسيسة على قطاع غزة.

ولأن العالم يكيل الحقيقة بمكيالين، وفضحتهم عملية طوفان الأقصى، فقد وصفوا صاحب المقاومة بالإرهاب، والعدو بصاحب الحق، وانتفضوا جميعًا لمساندة ومؤازرة إسرائيل وتضامنوا معها ضد صاحب الأرض، مع العلم أننا لم نرى إنتفاضة واحدة للنظام العالمي ذو الوجهة القبيح لما تقوم به قوات الإحتلال من إنتهاكات سافرة تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل منذ عام ١٩٤٨.

بمجرد قيام أفراد المقاومة الفلسطينية بالهجوم على جيش العدو الصهيوني، أمريكا أعلنت عن الدعم الكامل لإسرائيل وإمدادها بالذخيرة والأسلحة المتطورة، وقامت فرنسا بإطفاء برج إيڤل، وسارعت ألمانيا باستنكار الهجوم والتضامن مع إسرائيل ورفعت علم إسرائيل على معالمها، وتضامنت بريطانيا مع العدو الصهيوني، وقام العالم كله ولم يقعد ووصفوا الحق الفلسطيني في المقاومة ومحاولة تحرير الأرض المحتلة بالإرهاب!!.

انتفاضة العالم ضد القضية الفلسطينية أسدل الستار عن الوجه القبيح لأمريكا ودول الإتحاد الأوروبي، وكشفت حقيقة شعاراتهم الكاذبة عن حقوق الإنسان، وأكدت أن الحقيقة عند الغرب لها وجهان وليس وجه واحد كما يدعون، وأنهم يستغلون كل شعاراتهم المضللة لوهم الشعوب العربية ودول العالم الثالث والضغط على حكوماتهم بإصدار تقارير وهمية ومزيفة بحجج واهية، الغرض منها خدمة مصالحهم الخبيثة والشريرة تجاه تدمير هذه الشعوب.

والسؤال: ما هو السبب وراء قوة ودعم العالم للنظام الصهيوني دائمًا؟!

والإجابة تتمثل في أن النظام الصهيوني يعتمد على ثلاث محاور أولهم أن هدفهم في أي استيلاء محدد، وثانيهم أن نجاحهم الدائم في معرفة أساليب وكيفية تسويق مبرراتهم في أي قضية، أما المحور الثالث فيتمثل في إستخدامهم المسكنة والدهاء والكذب والخداع في إستمالة أصحاب الوجوه المتعددة في العالم كأوروبا والأمريكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى